أكثر من 70 يوم تمر اليوم على اندلاع العدوان الصهيوني الجديد على أهالي غزة وسط صمت مجتمعي غير مسبوق ، بداية الشرارة كانت في السابع من اكتوبر الماضي وبعدها انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي دعوات واسعة من أجل مقاطعة الشركات الأمريكية والغربية، لدعمها اللامحدود لدولة الاحتلال وعملياتها العسكرية في القطاع.
وكانت في قائمة هذه الشركات تلك العاملة في مجال التقنيات الحديثة مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لدورها الوثيق في العمليات العسكرية الإسرائيلية على أهل غزة في فلسطين من هذه الشركات الحصر أوراكل وجوجل وأمازون ومايكروسوفت وإنتل و اتش بي وغيرها الكثير.
وفي مقابل هذه الحملة التي استهدفت شركات بعينها، برزت دعوات مضادة تتساءل عن جدوى خيار المقاطعة، معتبرة أنه سيضر أساسا بالشركات المحلية التي تحصل على حق الامتياز التجاري (فرانشايز) وبالتالي تأثيره السلبي على الاقتصادات الوطنية، في حين لا تمس آثاره الشركات العالمية المستهدفة.
والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة ، هل سنصبح أسرى للشركات الأمريكية والغربية بشكل أبدي؟!، لماذا لا تنطلق استراتيجية وطنية لتوطين التقنيات الحديثة ونقل المعرفة من خلال شركات تقنية تابعة لدول صديقة ساندت القضية الفلسطينية وسجلت موقفًا إيجابيًا ضد المجازر الإسرائيلية في غزة، لنقاطع تلك الشركات الأمريكية والغربية التي تساند بشكل فج العدو الصهيوني.
وطالب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بضرورة العمل على تأسيس منهج استراتيجي يرسم خريطة طريق لمقاطعة تدريجية مستدامة تؤمن للدول العربية التقنيات الحديثة لتوطين الصناعة وتنقل المعرفة لشركاتنا المحلية وترسى مبادئ للتعاون الاستراتيجي مع شركات لها منظومة قيمية أخلاقية لتحقيق تنمية مستدامة حقيقية لبناء منظومة اقتصادية مجتمعية تنموية.
والخلاصة، إن مخالفة شركات تقنية المعلومات والاتصالات الأمريكية الكبرى لكل القوانين والأعراف الدولية تجعل الحكومات العربية والإسلامية أكثر حرصا على مقاطعة الشركات الأمريكية والغربية التي تمد الكيان الصهيوني بالتقنيات العالية، والتوجه نحو بدائل أخرى من الشركات الكبرى التي ساندت دولها وقف المجازر الإسرائيلية. وهذا التوجه يضمن لنا نقل المعرفة التقنية وتوطين التقنيات العالية للتخرين السحابي والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة في أوطاننا ومن ثم يقود نحو استراتيجية وطنية تمتلك الأدوات لنباء اقتصاد تنموي مستدام، وعلينا أن نؤمن بأن حياتنا ومستقبلنا ونمو اقتصادات دولنا وتطور مجتمعاتنا ليست حكرا على تقنيات الشركات الأمريكية والشركات البديلة التي تملك أيضا تقنيات متقدمة بمستويات عالية متاحة، والأولوية في شراكاتنا التكنولوجية للشركات والدول الصديقة التي لم يعكر صفو ابتكاراتها دعم الحرب على غزة.