آخر المستجدات

ولاية ترامب الثانية تضع العلاقات عبر الأطلسي على المحك


أُطلق على الظاهرة «متلازمة اضطراب ترامب»، و«الاستعداد للصدمة».. وأياً كان ما نريد أن نسميه، فإن فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بفارق 11 نقطة على حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هيلي في الانتخابات التمهيدية بولاية نيوهامبشاير، يوم الثلاثاء، وضع القائد العام السابق على قمة المنافسة في ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة لعام 2024.

كما أنه ترك المسؤولين الأوروبيين الحاليين والسابقين الذين مازالوا مصدومين من إدارة ترامب الأولى، يسعون جاهدين لضمان أن العلاقة عبر الأطلسي يمكن أن تنجو من تكرار تجربة ترامب في البيت الأبيض، والذي يبدو كأنه أكثر من احتمال 50% في هذا الوقت، اعتماداً على استطلاعات الرأي.

وفي هذا السياق قال مساعد الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي كاميل جراند: «مع اقتراب إعادة انتخاب ترامب، أعتقد أن هناك محادثة تختمر من وراء الكواليس حول «حسناً، ما الذي يمكننا فعله لاتخاذ القرارات، والالتزام بها قبل أن يحدث ذلك في النهاية».

وعند الحديث إلى عشرات المسؤولين الأميركيين والأوروبيين الحاليين والسابقين حول كيفية تأثير حملة إعادة انتخاب ترامب على صنع السياسات عبر المحيط الأطلسي للعام المقبل، طلب العديد منهم عدم الكشف عن هويتهم، خوفاً من انتقام فريق ترامب.

وقال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لأوروبا وحلف شمال الأطلسي، جيم تاونسند: «إننا نتلقى الكثير من التساؤلات»، متابعاً: «ماذا يحدث في حلف الناتو؟ يقولون: هل تعتقد أننا هنا في المملكة المتحدة أو في أوروبا سيتعين علينا إنفاق المزيد على الدفاع، لأن الولايات المتحدة لن تكون موجودة؟ كيف سيبدو الأمر؟». وأضاف تاونسند: «يتم مناقشة هذا الأمر في كل مرة ألتقي فيها بشخص من أوروبا». وأوضح: «لقد بدأوا يتحدثون عن ذلك بنبرة خافتة».

حجر الزاوية

بطبيعة الحال هذه المخاوف لا تأتي من العدم، فهناك تاريخ، وفي المرة الأولى دفع ترامب باتجاه خطط لسحب 12 ألف جندي أميركي من ألمانيا، وهي ثاني أكبر قوة عسكرية في الخارج. وتساءل ترامب علناً عما إذا كان حلف شمال الأطلسي، الذي يشكل حجر الزاوية في البنية الأمنية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ينبغي أن يكون موجوداً، وحتى إن تقريعه لحلفاء الولايات المتحدة كلفه وزير الدفاع حينها جيمس ماتيس الذي استقال احتجاجاً على موقف الرئيس.

ومازلنا غير متأكدين تماماً مما قاله للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلف أبواب مغلقة في اجتماع سيئ السمعة استمر ساعتين في هلسنكي، منذ ما يقرب من ستة أعوام ولم يحضره سوى المترجمين.

على الجانب الآخر يركز ترامب على فن إبرام الصفقات ووضع اسمه على الأشياء، ومثل العديد من رؤساء الولايات المتحدة من قبله حث دول الناتو على إنفاق المزيد من الأموال على الدفاع، وتباهى بأنه دفعهم إلى دفع أموال أكثر من أسلافه بعد ممارسة سياسة حافة الهاوية في ما يتعلق بالمادة الخامسة – بند الدفاع عن النفس في الحلف. وفي بداية إدارة ترامب كانت خمس دول فقط من حلف شمال الأطلسي قد حققت معيار الإنفاق الدفاعي للحلف، وهو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وبحلول النهاية تضاعف هذا العدد تقريباً، ليصل إلى ثمانية بلدان.

وكان المرشح ترامب على الأقل في نسخة 2024 أكثر غموضاً بعض الشيء، وينتقد موقع حملته الانتخابية على الإنترنت «الطبقة العولمية الفاسدة التي تجر بلادنا إلى حروب خارجية لا نهاية لها»، ويحذر من «كارثة نووية» إذا انخرطت القوى العظمى في الحرب، لكنه يلتزم فقط «بإعادة تقييم جوهري لهدف الناتو»، وليس الانسحاب من التحالف.

وادعى ترامب أنه يستطيع إنهاء الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في يوم واحد إذا عاد إلى منصبه، لكن هذا التعليق أثار دهشة في كل من كييف وموسكو، ويبدو أيضاً أن الرئيس السابق يناور خلف الكواليس لإلغاء اتفاق الميزانية التكميلية في الكونغرس، والذي من شأنه أن يربط أموال أمن الحدود بمزيد من المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا.

أولوية منخفضة

حتى لو كان ترامب يريد حقاً الخروج من الناتو، وقطع المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، ووضع بوتين في وضع الصديق، وإبعاد الحلفاء، يعتقد الخبراء والمسؤولون الأميركيون أن ترامب سينتهي به الأمر إلى الانشغال بأولويات أخرى.

وقال تاونسند: «إذا جاء ترامب فلن يتحدث عن الناتو في اليوم الأول، بل سيتحدث عن الجدار (الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك)، وسيتحدث عن الحركات الجديدة، وسيتحدث عن أمور الحرب الثقافية». وأضاف: «حلف شمال الأطلسي وأوروبا ومجتمع عبر الأطلسي.. هذا ليس ضمن أولوياته».

علاوة على ذلك فإن رئاسة ترامب الثانية ليست ثابتة على الإطلاق، ونيكي هيلي التي تدعم تقديم المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا تلعق جراحها في نيوهامبشاير، وهي أفضل فرصة لها للفوز على ترامب خلال موسم الانتخابات التمهيدية المبكر، وتخطي ولاية نيفادا، وهي لم ترم المنشفة بعد.

وتعتزم هيلي إعادة تشكيل جهودها في أنحاء ولاية كارولينا الجنوبية، حيث عملت حاكمة للولاية قبل أن يختارها ترامب لتكون سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. إنها تحاول إيصال الحجة للناخبين في الانتخابات العامة، حيث لاتزال أغلبية واسعة من الجمهور الأميركي تنظر إلى حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا بشكل إيجابي بأنها يمكن أن تكون مفيدة بشكل ثابت في إدارة الأمور.

بعض المسؤولين الأوروبيين الذين لا يعتقدون أن إدارة بايدن تمارس نفوذاً كافياً على «الكونغرس» لكسر الجمود بشأن حزمة المساعدات العسكرية الأميركية المقترحة لأوكرانيا، بقيمة 60 مليار دولار، يعتقدون أن الرئيس بايدن يجب أن يحاول أيضاً تجاوز ضجيج المؤيدين لأوكرانيا، ومؤيدي ترامب في «الكونغرس».

«عندما يتعلق الأمر بالديمقراطيين كانت رسالتنا هي: استخدموا بعض العضلات، وتوقفوا عن التحصن»، قال مُشرع بريطاني أثناء وجوده في واشنطن الأسبوع الماضي، مضيفاً: «لا تدعوا الجمهوريين يحددون أجندتكم بشأن السياسة الخارجية».

شعور بالقلق

أقر «الكونغرس» بالفعل مشروع قانون في عام 2023 يمنع أي رئيس أميركي من الانسحاب من جانب واحد من حلف الأطلسي دون أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ، أو إجراء خاص في «الكونغرس». وقال المشرع البريطاني الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن أعضاء المؤسسة التشريعية الأميركية أشاروا إلى أن انضمام أوكرانيا إلى «الناتو» لن يكون مطروحاً على الطاولة خلال ولاية ترامب الثانية.

وفي بعض أجزاء أوروبا الشرقية، حيث أبدى ترامب استعداده لإقامة قاعدة عسكرية أميركية في بولندا تحمل اسمه، يتم تذكر الرئيس الأميركي السابق باعتزاز أكبر قليلاً. وفي الواقع يشعر بعض المسؤولين بالقلق من أن أوروبا ستتجه نحو معاداة أميركا إذا تم انتخاب ترامب دون أن تستطلع ما سيقوم به.

وقال أحد المسؤولين في أوروبا الشرقية: «ما أخافه هو أنه إذا تم انتخاب ترامب فسيدير القادة الأوروبيون ظهورهم له دون أن يفعل ترامب أي شيء، متابعاً: «بعد ذلك كما تعلمون سنكون في متناول روسيا والصين».

عن «فورين بوليسي»


12000 جندي أميركي كانوا متواجدين في ألمانيا.

. يعتقد الخبراء والمسؤولون الأميركيون أن ترامب سينتهي به الأمر إلى الانشغال بأولويات أخرى.

. أقر «الكونغرس» مشروع قانون في عام 2023 يمنع أي رئيس أميركي من الانسحاب من جانب واحد من حلف الأطلسي.

تعليقات